الثلاثاء، 29 يوليو 2008

تعلم فن الاتصال من أطفال الشوارع


تعلم فن الاتصال من أطفال الشوارع



كنت في رحلة إلى الإسماعيلية مع مجموعه من أخواني ، ونحن على رصيف القطار وجدت طفلا في السادسة عشرة من عمره – كان من قبل شابا قبل قانون الطفل ثم عاد طفلا – وطلب منى ان اخذ بيده حتى يصعد على الرصيف رغم كونه يستطيع الصعود . وما اراه فعل ذلك إلا انه يريد ان يفتح مجالا للحوار ، ثم قال لى هانكووو فقلت له ماذا ؟؟ فقال هانكوو تعني ثانكيو .

كان في يده سيجارة فوجدت اخوانى تحاملوا عليه فقال لهم " احنا بنصلي والحمد لله" ؛ فوقفت في صفه وقولت " السيجارة لزوم الجدعنه " .

ثم أخذ يسألني أي قطار سأركب ؟ ومن أين أتيت و..... وهو على نفس طريقة هانكووو .

وبعدها اشترى كراميللا وعزم على أصدقائي ثم قبّل الكراميللا التى أعطاها لي ، وبدأ بعدها في المجاملة – ايه الشياكة دي ونحوه- انتهى .

قبل ان اقابله بخمس دقائق فقط كنت أقرأ الإعلان الكبير على محطة الاسماعيليه والذي يحوي التكاتف ضد الإعاقة وأطفال الشوارع وختان الإناث وتعذيب الطفل وهذا ماجعلنى أنظر إليه بعين الشفقة وعين الحيطة وعين الحذز من ناحية أخرى .

عندما أتى قطار الزقازيق استأذنته وسلمت عليه فوجدته ينثني علي لكي يأخذني بالأحضان ويودعني .

بالطبع هذا أثر فيّ فقولت له "عايز اشوفك المرة الجاية من غير سيجارة" ، ثم انصرفنا فنادى عليّ وأخذني في جنب وقال لى "محمد ابقى هاتلى معاك كيلو كباب " ، انا مكنتش عارف أضحك ولا ابكي ولا ايه ، هوا يظهر اتفرج على فيلم تيتو وفاكرني معايا فلوس زي تيتو .

بعدها قاللى " لسه القطار بتاعي مجاش انا هاجي اغنيلكوا شوية وافرفيشكوا " ، قولتله "بس الجماعه دول مالهومش في الأغاني" قاللى قران ؟ " قولتله " اه "، صعد القطار وراءنا فجلست بين صديقين حتى لا أتيح له مجالا للجلوس بجواري ؛ فأنا أخاف على المحفظة ، ثم وقف بجوارنا يقرأ القران بصوت مقبول ، وبالطبع لفت انتباه اصدقائي وبدأ يجلس بجوار من نادى عليه ليعلمه القراءة الصحيحه .

وجد صديقا لي معه كراتيه فأخذ منه كمية ووزع على باقي أفراد المجموعه و من بجوارنا من الركاب ، وما أراه فعل ذلك إلا ليحبب فيه افراد المجموعة والله أعلم بغايته من وراء ذلك كله.

الشاهد : أنه في أقل من نصف ساعه استطاع أن يتوغل في وسط مجموعتنا "تسع أفراد" ويخاطبهم كأصدقاء قدامى ويبادلهم الهزار .

ولعل الفرد من أبناء دعوتنا يضع العراقيل والعقبات أمامه ليتعرف على فرد واحد ليضعه في قائمة الدعوة الفردية ، فما بالك بمن تعرف على تسع أفراد في أقل من نصف ساعه وهو طفل في السادسة عشر من عمره !! .

انه لم يحضر دورات في الحوار والاتصال ولا في الدعوة الفردية والربط العام ، انه كان ولا زال في الشوارع والحواري يتنقل بين مكان وأخر .

اخوانى متى كانت اخر مرة قابلت دعوتك الفردية ومتى زرته ؟ ان فترة إجازتنا مجال واسع للدعوه واعلم ان رمضان قادم بعد أيام وهو يوفر الأرض الخصبة للدعوة والداعية ، فإن كنت مقصر في هذا المجال فابدأ واعلم أنك تستطيع ان تفعل ولا تختلق العقبات أمامك.

وأسف على الإطاله .